أكد البروفسور روبرت كوهن، الاختصاصي في طب الأطفال والأمراض المعدية، شدّد على أنه يجب فهم الفيروس للتمكن من تعزيز وسائل الوقاية ومعرفة كيفية التعامل مع الوضعية الوبائية لتقليص نسبة انتشار المرض، خاصة وأن الجميع مجبر على التعايش معه لمدة لا يعلم أحد حجمها الزمني، وذلك بكيفية لا تؤثر على الحياة اليومية، مشددا على أن المعرفة الصحيحة بكيفية انتقال الفيروس تسمح باتباع خطوات وقائية مضبوطة وصارمة، خاصة وأن معطيات كثيرة تتعلق بكورونا المستجد تتغير بشكل يومي.
وأكد الخبير في الأمراض المعدية، في مداخلته التي تكلم فيها عن تطور الفيروس، والإجراءات الحاجزية، وكيفية انتقال العدوى، والمناعة، إلى جانب التشخيص وعلاقة الفيروس بالأطفال، على أهمية سبل الوقاية في شموليتها، لأنه ليست كل وسيلة لوحدها دونا عن الباقي كافية لمعالجة إشكالية انتقال العدوى، إذ يجب دمج الإجراءات الحاجزية والوقائية برمّتها، مشيرا إلى أنها فعالة ولكنها ليست ناجعة بشكل كلّي، إذ يجب إلى جانب وضع الكمامات، تنظيف الأيدي بالماء والصابون أو بالمعقّمات، وتنظيف الأسطح، علما بأن القفازات والنظارات والزي، كلها عوامل قد تساهم ببعض النسب في تكوين شكل وقائي كامل، في مواجهة الفيروس الذي ينتقل عبر اللعاب بعد العطاس أو السعال، لمسافة ليست بالطويلة، إذ يتساقط أرضا وعلى الأسطح، وهنا يأتي دور الأيادي التي تعتبر مفتاحا رئيسيا لنقل العدوى عن طريق اللمس، وهو ما يجب الانتباه إليه بشكل كبير، مبرزا كذلك أهمية التهوية والتقليص من التنقلات وغيرها من الإجراءات الوقائية الأخرى، ومؤكدا على أن تدابير الوقاية هي عبارة عن طاولة بأربع ركائز، بحيث يجب الابتعاد عن حالة القلق بسبب الفيروس بتفادي الاختلاط والتباعد إلا للضرورة، ومعرفة أن مخالطة المرضى تتطلب معدلا زمنيا تم تقديره في 15 دقيقة، إلى جانب عدد المخالطين، وكذا التدابير الحاجزية من قبيل الكمامات وغيرها.
وأوضح روبرت كوهن الذي حلّ ضيفا على هذه الندوة، الخطورة التي يشكلها حامل الفيروس بدون أعراض، الذي يعمل على نقل العدوى قبل اتضاح مرضه وظهور أعراض مثل الحمى وغيرها، خلافا لمرضى الأنفلونزا، مثلا، إذ لا ينقل المصاب العدوى لغيره إلا بعد ظهور الأعراض المرضية عليه ومعاينة من طرف المحيطين به. واستعرض الخبير عددا من المعطيات الرقمية التي تؤكد أن العدوى تنتقل من الشخص الراشد إلى الطفل، خلافا لما كان قد يتصوره البعض، ولما كان يقع في فيروسات أخرى، مستدلا على ذلك بدراسة فرنسية وأخرى أسترالية، مبرزا أنه ليست هناك أعراض نوعية خاصة عند الأطفال المصابين بالفيروس، وبأن التشخيص السريري لا يكون مساعدا في عدد من الحالات، إذ يظل التحليل المرجعي والسكانير في بعض الحالات، وسيلة التأكد من وجود الفيروس من عدمه.
وأبرز كوهن، أن كلفة فيروس كورونا المستجد في مقارنة بين البالغين والأطفال، هي أقل عند الصغار من حيث الوفيات بـ 10 آلاف مرة، وبألف مرة بالنسبة للحالات المستعصية التي تتطلب الإنعاش، وبـ 100 مرة على مستوى الاستشفاء، وأقل كذلك من حيث نقل العدوى، محذرا من مغبة عدم احترام مواعيد اللقاحات بالنسبة للرضع وتأثير ذلك في علاقة بعدد من الأمراض كالسعال الديكي والالتهاب الرئوي وغيرهما، مشددا على أن اللقاحات يجب أن تمنح للأطفال في وقتها المحدد، مع اتخاذ كافة التدابير الوقائية حتى لا تكون هناك أسرة أخرى في قاعة الانتظار، ووضع الكمامات، وباقي التدابير الاحترازية، لأن هذه اللقاحات والفحوصات الموجهة للرضع والأطفال هي جد ضرورية.
وفي السياق ذاته، شدّد الاختصاصي في طب الأطفال والأمراض المعدية، على أن 95 في المئة من حالات الإصابة بالأطفال تسبب فيها الكبار الذين نقلوا العدوى إليهم، داعيا إلى اتباع النموذج الهولندي في تحجيم المخاطر ارتباطا بفتح المؤسسات التعليمية واتخاذ الإجراءات والتدابير المساعدة على ذلك لتحقيق العودة التدريجية للتلاميذ، بالنظر إلى أن نفس الأسئلة والهاجس سيظل مصاحبا للآباء والأمهات إلى غاية شتنبر، في غياب أجوبة ملموسة، مبرزا أنه جرى تسجيل مجموعة من حالات الإصابة بمرض كاوزاكي، التي لم تكن مرتبطة بالمدارس وإنما تمت الإصابة به خلال الحجر الصحي، وهو ما يؤكد على أن المؤسسات التعليمية ليست مسؤولة عن الإصابة بأمراض من هذا القبيل، خلافا لكل التخوفات، وهو ما يتطلب اعتماد الحيطة والحذر دون الهلع، كما أكد في ردّه عن مجموعة من الأسئلة التي وُجّهت إليه المرتبطة بمناعة المصابين، وجودها وهو ما تبث علميا، إلا أنه لم تتأكد مدتها الزمنية بالتحديد، وهو الجواب الذي يفتح باب الأمل عريضا في أفق توفر لقاح مضاد للفيروس يتم بالنجاعة.