مستشفى بوافي بالدارالبيضاء..قصة نشر العدوى وترقب الموت

 

وحيد مبارك

في الوقت الذي تواصل فيه الجائحة الوبائية تمددها وانتشارها بضراوة، ويرتفع عدد الإصابات وسقف الوفيات، يوما عن يوم، مع ما لذلك من كلفة إنسانية وصحية واقتصادية واجتماعية، نسجّل بعض الممارسات التي تقوَّض من كل المجهودات المبذولة، وتذهب عكس كل التصريحات الرسمية، التي تؤكد على التعبئة الجماعية لمواجهة الفيروس والحدّ من منسوب تغلغله في المجتمع.
سأسوق مثالا على ذلك، الذي عشت وتتبعت تفاصيله، حين توجّه يوم الجمعة والد زوجتي وابنته إضافة إلى ابنه لإجراء اختبار الكشف عن الفيروس ، بعدما تأكدت إصابة الأمّ بالفيروس اللعين، وذلك يوم الجمعة الفارط، وبالفعل تم أخذ العيّنات، ومنذ ذلك اليوم وإلى غاية كتابة هذه السطور لم يظهر أثر لتلك الاختبارات، وكأنها تبخّرت، فلا وجود لها في أي مختبر ولا في أي نظام معلوماتي باستثناء تسجيل أسماء المعنيين دون تحديد النتيجة أو إدراج أي ملاحظة مرتبطة بها.
6 أيام بالتمام والكمال مرّت، واللافت للانتباه أن نفس الوضع تعرفه العديد من الاختبارات بالنظر إلى أن شقيقة زوجتي حين ذهبت للاستفسار عن مآل النتائج، وجدت مريضا هو الآخر خضع للاختبار يوم الأربعاء الفارط، ولم يتوصل المسكين بأي جواب؟
خلال هذه المدة، أجرينا فحصا بالسكانير للمعنيين واختبارات للكشف عن الفيروس في مرافق صحية أخرى، وبالفعل توصلنا إلى أن الفيروس تسلل إلى جسم صهري الذي يعاني من مرض مزمن وابنته، واستطعنا بفضل الله، بعد إتمام كل الفحوصات الشروع في العلاج وأخذ الأدوية.
ما يهمني في هذه الواقعة،التي هي نموذج ومثال لما قد يقع للكثير من الأسر، أنه يمكن للمرضى أن يعيشوا حياة عادية ويتنقلوا وينشروا العدوى لغيرهم دون وعي وإدراك منهم، ويمكن أن تتدهور وضعيتهم الصحية ويصبحون في حاجة إلى سرير بمصلحة الإنعاش والعناية المركزة فلا يجدونه، وقد يفارق البعض الحياة، ويأتي في نهاية المطاف مسؤول ليقول بأن الوفيات هي نتاج للتأخر ووصول المريض في وضعية صحية حرجة، دون تحديد من المتسبب في هذا المآل، هل المريض بكيفية إرادية، علما أن هناك بالفعل مرضى لا يقرّون بالمرض ولا يهتمون بوضعهم الصحي ولا يبادرون للقيام بالفحوصات وما يتطلبه وضعهم؟ أم بعض مهنيي الصحة وبعض المؤسسات الصحية، كما وقع لنا في هذه الحالة، بمستشفى بوافي؟ والغريب أن لا أحدا مكلّفا بتتبع نتائج الاختبارات انشغل واستغرب واستفسر واهتم بحال هؤلاء المواطنين، وطرح سؤالا حول سرّ هذا التأخر، وما هي أوضاع المعنيين، وكأن الأمر لا يهم أحدا وكأنه لا وجود لضمير وواجب مهني يجب القيام به؟
الحمد لله أن هناك أطرا تشتغل بمسؤولية وضمير، وهناك مؤسسات صحية مفتوحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولا تبخل على المواطنين بما هو متوفر لها من إمكانيات بشرية ولوجستيكية للمساهمة الفعلية في مواجهة الجائحة الوبائية، لأنه لولا هذا الأمل لكانت الكارثة ستكون أكبر وأفدح. وفي انتظار استفاقة القائمين على الشأن الصحي بالفداء مرس السلطان، وتحديدا ببوافي، واصلوا رفع شعار ” كم حاجة قضيناها بتركها وناموا فما شخر إلا النوام”؟
حسبنا الله ونعم الوكيل.

تعليقات (0)
أضف تعليق