نجيبة جلال
ما ان انطلقت عملية انتخابات مندوبي الأجراء لسنة 2021، حتى فوجئنا بخبر التأويل الوزاري لقانون الشغل المنظم للانتخابات…و بعد بحث معمق في الموضوع و شرح قانوني مستفيض من طرف مستشار في قانون الشغل و العلاقات المهنية، أدركنا كم أن الخطة محكمة لتضييق الخناق على النقابات و إضعاف اقوى التمثيلياث منها .
نصت المادة 437 ان انتخاب مندوبي الأجراء يتم من قبل هيأة العمال والمستخدمين من جهة، وهيأة الأطر وأشباهمم من جهة أخرى، ولم يستعمل المشرع في النص صيغة إلزامية حيث
منح في فقرته الثانية للمشغلين والأجراء الحق في إمكانية تغيير عدد الهيآت الناخبة وتكوينها سواء بموجب اتفاقية شغل جماعية أو باتفاق يبرم بين الطرفين قصد خلق أكثر من هيأتين.
وخول لهم حق توزيع المؤسسات بالمقاولة، وتوزيع الأجراء بين الهيآت الناخبة وتوزيع المقاعد بين هذه الهيآت.
إلا أن هذه السنة، اكتشفت وزارة الشغل تأويلا جديدا لهذه النصوص القانونية و حصرت عدد المقاعد في ما لا يتجاوز المقاعد المذكورة في النص تناسبا مع العدد الإجمالي للأجراء ضاربة عرض الحائط ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 437 التي في مضمونها تحمي خصوصية المؤسسات و تنوع اصنافها المهنية.
السؤال الذي حير المتابعين اليوم، كيف لوزير الشغل السيد أمكراز أن يسمح لنفسه بمصادرة حق يخوله القانون للشغيلة و الشركات؟ و لماذا هذه السنة بالضبط؟ أهذا يعني أن الانتخابات المهنية للسنوات الماضية كان يشوبها عيب “عدم فهم القانون”؟ أهذا مفاده أن السيد الوزير له في البصيرة القانونية ما لم يتواجد في وزرائنا السابقين؟ أو أنها فقط عملية احتساب، ربط فيها السيد الوزير القانون بالرياضيات على شاكلة فهم حزبه للقاسم الانتخابي؟
تناسى السيد الوزير او من أشار عليه بهذه الفتوى أن للمشرع مقاصد في القوانين، و روح مدونة الشغل في حماية حقوق الطبقة العاملة و الانتخابات المهنية أهم هذه الحقوق….أول ما ندرسه في مدرجات كليات القانون هي أن القانون يحمي الضعيف و التأويل يأتي دائما في هذا الاتجاه!
فكيف بالسيد الوزير أن يضع نفسه و ذويه فوق ما أقره المشرع ليغير “بشرع اليد ” ما نص عليه القانون و جرت عليه الاعراف و التقاليد؟
يذكرني هذا بمدى غضب حزب السيد الوزير في ملف القاسم الانتخابي، كيف أنهم حاربوا بشراسة دخول القانون في صيغته الجديدة إلى حيز التنفيذ، و كيف أنهم قاموا بإنزال عظيم في قبة البرلمان من أجل التصدي للقاسم الانتخابي في صيغته الجديدة، علما أنه فقط نمط انتخابي يمكن تغييره وفقا للظروف …قال حزب العدالة و التنمية حينها أن الأحزاب و الدولة يريدون تقليص حضور حزب أمكراز بتلك الصيغة الجديدة….
كل هذا يجعلني اليوم أربط ما يقع في الانتخابات المهنية بدفوعات العدالة و التنمية في ملف القاسم الانتخابي!
أهو رد اعتبار يتوخاه مناضلوا العدالة و التنمية بتعويض ما قد يفقدوه من مقاعد في أعلى هيآت البلاد بمقاعد في المؤسسات و الشركات؟ فكرة جهنمية! قد تخدم مصالح نقابة ما و لكنها في اجمالها ستضعف تمثيلية الأجراء و بالتالي حقوق مواطنين ناضلوا من أجل اكتسابها لتأتوا سيدي الوزير ببساطة تطبيق حاسوبكم ضاربين قلب هذا الوطن، أجراء و نقابات و مشغلين !