بخطى ثابتة يشهد مشروع النفق البحري الرابط بين إفريقيا وأوروبا عبر المغرب وإسبانيا تقدما ملحوظا وإن كان على المستوى النظري. ووفقا لما تم تداوله من قبل بعض الصحف الإسبانية، فإن حركة المرور داخل النفق ستتم عبر السكك الحديدية.
وتوقعت الدراسات الأولية للمشروع، أن يتم نقل السيارات والبضائع بين المحطتين المغربية والإسبانية بواسطة قطارات مكوكية، وبالإضافة إلى الخطوط الحديدية المخصصة لنقل المركبات (السيارات والشاحنات)، ستتم إضافة قطارات تقليدية للركاب والبضائع.
وأوضحت المصادر ذاتها أن طول النفق سيبلغ حوالي 38.7 كيلومترا، منها 27.8 كيلومترًا تحت البحر، و11 كيلومترًا في نفق تحت الأرض، فيما تؤكد المسافة بين المحطتين والبالغة 42 كيلومترًا استبعاد فكرة ظهرت قبل بضعة أشهر تتعلق بخط سككي يربط مدينة الدار البيضاء بمدريد.
وسيبلغ الحد الأقصى لعمق النفق 300 متر وسيكون الحد الأقصى للمنحدر 3%. وسيكون قطر كل نفق أحادي المسار 7.9 مترًا من الداخل، بينما سيكون قطر معرض الخدمة 6 أمتار. كما ستكون الأنفاق الثلاثة متصلة ببعضها البعض من خلال ممرات عرضية بفترات منتظمة كل 340 مترًا (100 في منطقة محطة الأمان).
سيُحدث هذا الربط الثابت حسب بعض الصحف الإيبيرية تأثيرًا اقتصاديًا كبيرًا على المنطقة، ولعل أهمها إنشاء مركز لشبكات النقل الأوروبية والأفريقية، وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع بين القارتين، ناهيك عن قيمة مضافة لاستراتيجية تطوير النقل في غرب البحر المتوسط.
وانطلاقًا من حقيقة أنه لا يوجد شيء مؤكد وأن كل شيء مجرد تكهنات في الوقت الحالي، فقد أكد مسؤولو “Secegsa” الإسبانية في أكثر من مناسبة أن النفق يمكن أن يكون جاهزًا بين عامي 2030 و2040.
ورغم أن بعض وسائل الإعلام ذكرت بعد زيارة أوسكار بوينتي للمغرب أن الهدف الرئيسي هو أن يكون جاهزًا لكأس العالم لكرة القدم 2030، الذي سيقام في إسبانيا والبرتغال والمغرب، إلا أن هذا التاريخ مستبعد للغاية نظرًا لحجم العمل المنتظر، وحتى الآن لم يتم تجاوز مرحلة الدراسات الأولية.
وسيتم تشغيل هذا المشروع وفقا المعلومات المتوفرة من طرف الشركات العاملة عليه، على مدى مرحلتين، الأولى تتضمن نفق سكة حديد واحد أحادي الأنبوب ستسافر فيه القطارات (من نوع AVE والبضائع) في كلا الاتجاهين بالتناوب في مجموعات من 12 قطارًا، والثانية مع نفقين للسكك الحديدية اتجاه واحد يدخلان الخدمة عندما يتطلب الأمر.
وشددت الجرائد الإيبيرية على أن المشروع سيوفر قطارات مكوكية للركاب تتكون من 10 عربات للسيارات والكرفانات والحافلات، و 10 عربات ذات طابقين للسيارات فقط، و 3 عربات أخرى ذات طابقين لـ”المرافقين”، وبالموازاة مع ذلك، سيكون هناك مكوك للبضائع مع قوافل من 18 عربة للشاحنات والمقطورات وعربة واحدة للمرافقين.
ويمكن لهذه القطارات أن تسير بسرعة قصوى تبلغ 120 كيلومترًا في الساعة، بينما تكون مدة الرحلة بين المحطتين الطرقيتين حوالي 30 ثانية.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم بناء معرض للخدمة والأمان أيضًا، وهو عبارة عن نفق ثالث، على الرغم من صغر حجمه، سيسمح بضم الخدمات، وتسهيل الصيانة أثناء التشغيل، وضمان سلامة الركاب والعاملين من خلال استخدامه كمدخل لفرق الإنقاذ ومسار إخلاء إذا لزم الأمر.
جدير بالذكر أن فكرة هذا المشروع تعود إلى عام 1989، وكان يروم في البداية بناء جسر يربط أوروبا بإفريقيا، قبل أن يتم التخلي عن الفكرة في منتصف التسعينيات، واستبدالها بخيار نفق سكة حديدية، على غرار نفق المانش الذي يربط فرنسا بالمملكة المتحدة.
وللإشارة فإن الشركة الإسبانية للدراسات الثابتة عبر مضيق جبل طارق (SECEGSA) هي المسؤولة عن دراسة المشروع من الجانب الإسباني في إسبانيا، فيما تعتبر مؤسسة “Société Nationale d’Études du Détroit de Gibraltar” هي الشركة الممثلة من قبل المغرب، وتجتمع اللجنة المشتركة، التي تتكون من عشرة أعضاء، خمسة إسبان وخمسة مغاربة، مرة واحدة على الأقل كل ستة أشهر، بالتناوب في إسبانيا والمغرب، ويتم توزيع الأعمال بين الجانبيت وفقا لمبدأ التوازن في الأعباء المالية بين البلدين.