في تقريره السنوي لعام 2023، سلط المرصد المغربي للسجون الضوء على الأوضاع القاسية التي تعيشها المؤسسات السجنية في المغرب، مؤكدًا استمرار مشكلة الاكتظاظ، بالإضافة إلى الانتهاكات الحقوقية المتعددة التي يعاني منها السجناء، داعيا إلى ضرورة مراجعة القوانين المتعلقة بالعقوبات، وتقديم ضمانات لتحقيقات نزيهة وشفافة في حالات التعذيب وسوء المعاملة.
وأبرز ما تضمنه التقرير هو التحذير من تفاقم ظاهرة الاكتظاظ في السجون المغربية، التي أصبحت تمثل تهديدًا حقيقيًا لحقوق السجناء وظروفهم المعيشية.
وأبرز التقرير أن عدد السجناء في المغرب بلغ بحلول نهاية عام 2023 حوالي 102,653 سجينًا وسجينة، ما يعكس تجاوز السعة الاستيعابية للسجون بنسبة 159%، رغم افتتاح ثلاث مؤسسات سجنية جديدة في مدن جديدة، العيون، وتامسنا.
واعتبر المرصد هذا الاكتظاظ “ناقوس خطر”، موضحًا أنه ليس مجرد إحصائية، بل هو عامل رئيسي في تفشي الأمراض وزيادة حالات التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون، وأن السجناء بذلك يعانون من ظروف قاسية، تشمل التكدس في الزنازين والتعرض للاعتداءات الجنسية، بالإضافة إلى معاناة السجناء المحتجزين في الحجز الاحتياطي الذي يشكل نحو نصف عدد السجناء في البلاد.
وأشار التقرير إلى أن الإصلاحات التي أُدخلت على النظام السجني لم تكن كافية، فقد أوضح المرصد الحاجة الماسة لتطوير قوانين العقوبات البديلة وتفعيلها بشكل جاد، مع ضرورة دمجها في إطار قانوني شامل يجمع بين القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية، لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان في السجون.
كما أبدى التقرير قلقه من استمرار وجود السجناء المرضى النفسيين في السجون رغم حاجتهم إلى رعاية صحية متخصصة، واعتبر أن هذا الأمر يشكل انتهاكًا لحقوقهم، ودعا إلى ضرورة تحسين الرعاية الصحية النفسية للمساجين المصابين بأمراض عقلية.
التوصيات الرئيسية
دعا المرصد إلى إلغاء عقوبة الإعدام نهائيًا، وفقًا للدستور المغربي الذي ينص على الحق في الحياة، مع تحسين شروط الاعتقال، ضرورة مراجعة الإجراءات التأديبية داخل السجون، وضمان حق المؤازرة و الطعن في القرارات التأديبية. كما شدد على ضرورة إصلاح مساطر الاستفادة من العفو لزيادة عدد المستفيدين.
وأكد التقرير على ضرورة إصلاح الإجراءات المتعلقة بالعفو لتوسيع دائرة المستفيدين من هذا الحق، وذلك من خلال تسهيل مساطر الاستفادة من العفو، وزيادة عدد السجناء الذين يمكنهم الاستفادة منه بما يساهم في تخفيف الاكتظاظ وتحسين الأوضاع داخل السجون.
كما دعا المرصد إلى إقرار تدابير خاصة لحماية حقوق الفئات الهشة داخل السجون، مثل النساء، والأطفال، والمسنين، والأشخاص ذوي الإعاقة، توفير ظروف اعتقال ملائمة لهذه الفئات، مع ضمان أن تتناسب احتياجاتهم الخاصة مع الخدمات والرعاية التي يحصلون عليها في السجون.
وشدد التقرير على ضرورة تعزيز الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، والتأكد من إجراء تحقيقات محايدة وشاملة في حالات التعذيب، الاعتداءات الجنسية، والوفيات التي تحدث داخل السجون، إضافة إلى تعزيز الحق في العلاج النفسي للسجناء الذين يعانون من أمراض عقلية، والعمل على توفير العلاج المناسب لهم داخل المؤسسات السجنية.
وطالب أيضا بإشراك المنظمات الحقوقية في متابعة تنفيذ السياسات الإصلاحية داخل السجون، وتعزيز استخدام العقوبات البديلة كوسيلة لتخفيف الاكتظاظ في السجون، والعمل على تسهيل استفادة المحكومين بهذه العقوبات.