تقرير رسمي : “مول الحانوت” يهيمن على قطاع التجارة رغم تكاثر “الأسواق الممتازة”
أفاد مجلس المنافسة أن التجارة التقليدية لا تزال تهيمن على قطاع التجارة وتوزيع المواد الغذائية بالمغرب، في حين يعرف قطاع التوزيع العصري احتكارا وصعوبات قوية أمام الوافدين الجدد، مقابل تنام كبير في التجارة الإلكترونية التي أصبح المغاربة يميلون لها.
وأكد المجلس في رأي له حول وضعية المنافسة على مستوى مسالك توزيع المواد الغذائية، هيمنة التجـارة التقليديـة المكونـة مـن التجـار بالجملـة وشـبه الجملـة وأصحـاب مـحلات البقالـة المعروفون ب”مـول الحانـوت” باسـتمرار على قطـاع التجـارة والتوزيـع بالمغـرب، مسـتحوذة على نحـو 80% مـن رقـم المعاملات وعلى 99% تقريبـا مـن نقـاط البيـع. بالرغم مـن تطـور التوزيـع الـعصري في السـنوات الأخيرة.
وحسب المجلس، فإن القــدرة على الصمــود التــي أبانــت عنهــا مســالك التوزيــع التقليديــة، والتــي عزّزتهــا تجــارة القــرب، تعد نموذجا بـارزا، أخـذا بـعني الاعتبـار مزاياهـا التنافسـية المتنوعـة. كما تتفرد تجـارة القـرب التقليديـة، المتأصلة بعمـق في الهويـة الوطنيـة، بقدرتهـا على التأقلـم مـن حيـث مرونـة سـاعات العمـل والتنـوع الـذي تتسـم بـه، إذ تتوفـر أحيانـا على منتجـات غير متاحة في المساحات الكبرى والمتوسطة، كما تتيح اقتناء منتجات بكميات قليلة تتناسب مع ذووي القدرة الشرائية المحدودة مع توصيلها للمنازل.
وفضلا عـن هـذه المزايـا، يضطلـع أصحـاب مـحلات البقالـة بـدور اجتماعـي بـارز يتجـاوز النطـاق التجاري، إذ يوفـرون تسـهيلات في الأداء للزبنـاء بفضـل دفتر القـرض المجاني مساهمين بذـلك في تلبـية الاحتياجات الـشهرية للأسر.
وبالمقابل، كشف مجلس المنافسة عن وجود درجة عالية من التركيز في سوق توزيع المواد الغذائية، حيث تستحوذ الشركتان الرائدتان “مرجان“ و“كارفور“ على 60 إلى 70% من حصص السوق الذي يضم 12 علامـة تابعـة لــ 6 شركات.
وخلص المجلس في رأيه إلى أن السوق تعرف احتكار القلة، حيث تقتصر المنافسة بشكل رئيسي على الشركات الكبرى، في مقابل وجود حواجز دخول كبيرة بالنسبة للوافدين الجدد.
وأبرز أن التمركــز الشــديد للمســاحات التجاريــة الــكبرى والمتوسطة في المدن، خاصة الرباط والدار البيضاء، يخلــق فـوارق في الولـوج إلى الخدمـات العصريـة بالنسـبة للمناطـق الهامشـية أو القرويـة، حيـث لا يـزال المسـتهلكون يعتمـدون على التجـارة التقليديـة.
كما أن السوق يتميز بعدد ضعيف من الوافدين الجدد، لم يتعد خلال العشرية الأخيرة ثلاث شركات، ويرجع ذلك لحجم الاستثمار الكبير وانعدام العقار التجاري وارتفاع تكلفة الوسائل اللوجستية والحواجز في الوصول إلى الموردين، حيث يتردد الموردون في التعامل مع الوافدين الجدد أو يفرضون عليهم شروطا أقل تفضيلية، مما يضر بالمنافسة.
وخلص التقرير إلى أن العلاقة بين الموردين والموزعين تتسـم بعـدم التـوازن، حيـث تمتـزج فيهـا عناصر التعـاون والمنافسـة، كما تغيـب عنهـا المسـاواة مـن حيـث القـدرة على التفـاوض وصنـع القـرار، مقارنة بين الموزعين الكبار والصغار، مـا قـد ينعكـس سـلبا على تـوازن السـوق ويفـرز آثـارا منافيـة لقواعـد المنافسة. خاصة ما يتعلق بتحديـد آجـال الأداء، وهوامـش “الربـح الخلفي“ والمعمـول بهـا في مسـالك التوزيـع العصريـة.
ووصـل مجمـوع نقـاط البيـع إلى 1379 متجـرا عنـد متـم سـنة،2024 موزعـة على 71 متجـرا كـبيرا و272 سـوقا ممتـازا و19 متجـرا للأداء نقدا عند الاسـتلام، و1035 متجرا للتخفيضـات. وشـهدت السـنة ذاتهـا تكاثـر نقـاط البيـع، مدعومـة بشـكل خـاص بتوسـع الـمحلات التجاريـة التابعـة للمجموعـتين “Maroc Kazyon” بنحـو 150 متجـرا و”Maroc BIM” بنحو 102 متــجرا جدــيدا.
وفي سياق متصل، بين التقرير أنه مـن زاويـة ماكرو-اقتصاديـة، أصبـح المسـتهلك المغربي أكثر ميلا للتجـارة الإلكرتونيـة، التـي بـات الفاعلـون يســتخدمونها بكثافــة لتســويق منتجاتهــم. وثبتــت صحــة هــذا الاتجــاه بتصاعــد عمليــات الأداء عــن بعــد بواسـطة البطاقـة البنكيـة. وقـد عـرف السـوق ظهـور أنـواع أخـرى مـن المنصـات، اتخـذت شـكل أسـواق ممتـازة عـن بعـد مثـل “Glovoapp “و”Jumia “.
ونبه الرأي إلى أن التجــارة التقليديــة، التــي تضــم 120.000 نقطــة للبيــع بالتقســيط وينشــط فيهــا 4000 تاجــر بالجملــة دون احتساب التجارة المتنقلة، تتسم ببنيــة مفككــة شــديدة وبــكثرة الوســطاء، مــا يجعــل قنــوات التوزيــع بهــا طويلــة ومجــزأة. حيــث يفصــل بين المنتج والمستهلك النهائي 3 إلى 4 وسـطاء. ويتسـع نطـاق هـذه الظاهـرة في الوسـط القـروي الـذي تسـتأثر فيـه الأسـواق الأسبوعية بنصــيب مــهم من تــجارة المواد الغذائية المصنعة.