“لوموند” الفرنسية تسلط الضوء على التوزيع الغير العادل للأطباء بالمغرب
قالت صحيفة “لوموند” إن الجدل الدائر حول أوجه القصور في الرعاية الصحية هو عبارة عن نقاش قديم، بينما لم تسفر التقارير الرسمية، التي تحذر بانتظام من الوضع، ولا المبادرات الحكومية، عن أي نتائج مقنعة. وعزا المقال تفاقم التوزيع غير العادل للأطباء في البلاد إلى تشريعات قديمة.
وذكرت الصحيفة الباريسية مبادرة الوزير الأول الأسبق، إدريس جطو، الذي أعلن في عام 2007 عن طموحه بتدريب 3300 طبيب سنويا اعتبارا من عام 2020. بيد أنه في الأعوام 2021 و2022 و2023، تم تخرج ما متوسطه 2100 طالب فقط كل عام. وهو رقم يعتبره العاملون في مجال الصحة “غير كاف للغاية”، ويقدرون أن هناك حاجة لأطباء آخرين.
وأشار مراسل لوموند، ألكسندر أوبلانك، إلى أن مقاعد كليات الطب العمومية في المغرب فارغة منذ ما يقرب من شهرين، حيث قاطع غالبية الطلاب المسجلين هناك، البالغ عددهم حوالي 24000 طالب، الفصول الدراسية والتدريب الداخلي وحتى امتحانات الفصل الدراسي الأول، والتي تميزت خلال الأسبوع الماضي بمعدل قياسي من التغيب يصل إلى 100 بالمائة في بعض المؤسسات، وفقا للجنة الوطنية لطلاب الطب.
ويحتج المضربون بشكل خاص على تقليص مدة دراسة الطب من 7 إلى 6 سنوات في بداية العام الدراسي. حسب ما أكد مكتب طلاب الطب بطنجة، أن “هذا الإصلاح يطرح مشاكل أكثر مما يقدم إجابات”، مستنكرا عدم وضوح الرؤية حول المصير المخصص لمحتوى السنة السابعة من التكوين، إلى غاية ثم خصصت للتدريب الداخلي في المستشفى للمتدربين بدوام كامل.
ومما يثير القلق أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره السنوي الأخير الذي أرسله نهاية عام 2023 إلى الملك محمد السادس، جعل من نقص الأطباء نقطة يقظة، على غرار ضعف الاستثمارات وضعف الاقتصاد وفقدان القدرة الشرائية.
في حين أكد الممارسون الذين قابلتهم لوموند، أن إصلاح الدراسات الطبية في رفع كثافة الأطر التمريضية إلى 4 لكل 1000 عام 2030 كما أعلن وزير الصحة، هو هدف “غير قابل للتحقق”.
وبينما يتفق الجميع على ضرورة تحسين التغطية الطبية، تختلف آرائهم حول الإجراءات التي يجب اتخاذها. يقول أخصائي الأمراض المعدية والاقتصادي الصحي جعفر هيكل محذرا: “من الجيد أن نرغب في زيادة عدد الأطباء، لكن ذلك لن يكون كافيا للحد من عدم المساواة في الرعاية في البلاد “.
وأكدت لوموند أن هذا الاختلال الجغرافي ليس حكرا على المملكة، لكنه يتفاقم، بحسب جعفر هيكل، بسبب التشريعات التي تحظر التنقل في البلاد والتي يعتبرها “قديمة” . ويشرح قائلا: “اليوم، لا يحق للطبيب في الرباط أن يمارس المهنة في الدار البيضاء، ولو يوما واحدا في الأسبوع، إلا إذا أغلق عيادته.”
يضيف المتحدث: “يبدو الأمر كما لو أن طبيبا في باريس لا يمكنه ممارسة المهنة في ليل، فهذا غير منطقي. وإذا سهلنا تنقل الأطباء داخل المغرب، فيمكننا سد النقص بسرعة في بعض التخصصات، حسب احتياجات كل إقليم وبالتنسيق مع السلطات الإشرافية.”