الحكم على بوعشرين و زوجته و شقيقيته بالسجن في قضية اختلاس الدعم العمومي
أسدل الستار، في الرابع من يونيو 2025، على واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الأوساط الإعلامية المغربية، بعدما أصدرت المحكمة الزجرية بالدار البيضاء حكمها الابتدائي في ملف يتعلق بتبييض الأموال واختلاس الدعم العمومي الموجه للقطاع الإعلامي.
القضية التي يحاكم فيها توفيق بوعشرين، انتهت بالحكم عليه بـ ستة أشهر حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 10.000 درهم، فيما لم تسلم زوجته أسماء الموساوي وشقيقته أسماء بوعشرين من المتابعة، حيث قضت المحكمة في حق كل واحدة منهما بـ أربعة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5.000 درهم.
لم تتوقف تداعيات الملف عند الأشخاص، بل طالت شركتين إعلاميتين بارزتين ويتعلق الأمر بـ Media 21 وVAYATECH، حيث تم الحكم عليهما بأداء غرامة مالية تبلغ 100.000 درهم لكل شركة، كما قضت المحكمة بمصادرة المبالغ المختلسة من الدعم العمومي، مع رفع الحجز عن باقي الأموال.
وتحملت الأطراف المدانة، من أشخاص طبيعيين واعتباريين، مصاريف الدعوى بشكل تضامني، مع الأمر بالتنفيذ الجزئي الفوري. القضية تعود إلى شكايات تقدم بها عدد من الصحافيين والموظفين السابقين في جريدة أخبار اليوم، طالبوا فيها بتوضيحات حول ملايين الدراهم التي حصلت عليها مؤسسات بوعشرين من وزارة الثقافة خلال ولاية الوزير عثمان الفردوس، في إطار دعم الصحافة.
تحقيقات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية كشفت عن شبكة معقدة من تحويلات مالية واستعمال غير قانوني للدعم، في مشاريع قدّمت على أنها صحفية، لكنها بدت أقرب إلى مشاريع عائلية مغلقة، تفتقر إلى الشفافية والمحاسبة.
وقد عرف الملف سلسلة من التأجيلات منذ دجنبر 2023، بفعل اعتذارات طبية وطلبات تأجيل من دفاع المتهمين، قبل أن يسدل عليه الستار بحكم اعتبره كثيرون بمثابة “صفعة رمزية” لشخصية اعتادت تقديم نفسها كضمير حي للصحافة الوطنية.
هذه القضية تعيد طرح أسئلة جوهرية حول حكامة الدعم العمومي للصحافة، ومراقبة صرفه، وتدعو إلى مراجعة شاملة لآليات التمويل بما يضمن الشفافية، ويقطع الطريق أمام الاستغلال غير المشروع.